الدولار يسابق التعاميم وسلحفاة “كابيتال كونترول” اصطدمت بصندوق النقد!

المدى – جنان جوان أبي راشد

في عملية متأخرة جدًا، أقرت لجنة المال والموازنة مشروع قانون ال”كابيتال كونترول” بعد عملية تحويل واسعة لأموال كبار السياسيين والمودعين إلى الخارج.

هذا القانون الذي كان من المفترض اقرارُه منذ بداية الازمة المالية على غرار ما يتمّ اعتماده في حالات مماثلة، وفيما يسلك طريقَه في اللجان نحو الهيئة العامة للمجلس النيابي للتصديق عليه رسمياً، انتقد صندوق النقد الدولي اللجوء اليه في لبنان حالياً في موقف لاقى استغراباً.

لماذا هذه الملاحظات التي صدرت على لسان المتحدث باسم صندوق النقد جيري رايس وما هو المقصود منها؟ هل تمّ تحويرُ مضمون كلام المسؤول الدولي أو اقتطاع جزء منه واخراجُه من سياقه، أم أنه حقاً لا حاجة الى هذا القانون حالياً في غياب الخطط وإجراءات مالية ونقدية وسياسات تتعلّق بسعر الصرف؟

الخبير المالي والاقتصادي جهاد الحكيّم الذي تحدث ل”المدى” أكد تأخر لبنان كثيراً في إقرار ال”كابيتال كونترول” الذي كان مطلوباً منذ بداية العام 2019 مع بروز مؤشرات اقتصادية سلبية، وبهدف الحفاظ على القطاع المصرفي وأموال المودعين،

معتبراً أن اقرار هذا القانون كخطوة يتيمة حالياً هو مسألة غير مجدية بشكل كاف، وكذلك اعتماد رفع الدعم في خطوة متأخرة لن ينعكس ايجاباً وبشكل ملحوظ على سعر صرف الليرة كما لو تم اعتماده اعتباراً من مطلع العام 2020.

وقرأ الحكيّم في ما جاء على لسان المتحدث باسم صندوق النقد، ورأى أن المقصود منه هو أن إقرار ال”كابيتال كونترول” بمعزل عن إقرار خطة اصلاحية مالية واقتصادية شاملة، ومن ضمنها تصحيح الوضع النقدي لناحية أي نظام سعر صرف سيعتمده لبنان، سيكون من دون معنى، مؤكداً ضرورة توحيد سعر الصرف ورفع الدعم عن السلع أو ترشيده من خلال الإبقاء على دعم الأساسيّات منها.

وأشار الحكيّم الى أن قانون ال”كابيتال كونترول” كان يجب أن يكون كمقدمة لمفاوضات مع صندوق النقد، للاتفاق على خطة مناسبة للبلد وتعيدُه الى الاسواق المالية التي خرج منها عندما تخلّف عن تسديد سندات اليوروبوندز.

من جهة ثانية، وفيما انتقد صندوق النقد تحريرَ جزءٍ من الودائع بالدولار من خلال تعميم مصرف لبنان الأخير، معتبراً انه يشكل خطراً جِدياً على الليرة ومستوى التضخم في لبنان، أوضح الحكيّم أن التعميم المذكور الذي يُلزِم المصارف بالدفع لكلِّ مودعٍ شهرياً من حسابه 400 دولار ” fresh” و 400 دولار أخرى على سعر منصة “sayrafa” أي على 12000ل.ل.،

هو أحد أسباب الارتفاع السريع واللافت في سعر صرف الدولار في الايام القليلة الماضية (2000 ل.ل. في خلال يومين)، لأنه يبدو أن البنوك التي كانت قد أعلنت في البداية عن رفضها التعميم تلجأ راهناً الى شراء الدولارات من الأسواق، لافتاً الى أنه من المستغرب أن يرتفع الدولار الى هذه الحدود بالتزامن مع إنشاء منصة “sayrafa”وخصوصاً في ظل توافد السياح الى البلاد وانفاقهم بالدولار، ولكن على العكس، لم يساهم ذلك في الحدّ من هذا التدهور الكبير في سعر الليرة.

وانتقد الحكيّم القرار بصرف 400 دولار بالعملة الوطنية على سعر منصة مصرف لبنان الى جانب منح المودعين 400 دولار نقداً، بما سينعكس ارتفاعاً في مستوى التضخّم، كما انتقد استثناء المؤسسات الصغيرة والشركات الناشئة من قرار المركزي، وسأل لماذا انسحب التعميم على كل المودعين بدلاً من أن يتم حصرُه في الصغار منهم.

وفي النهاية، تبقى سلسلة من الأسئلة برسم الايام المقبلة مع الارتفاع اللافت في سعر الدولار وعدم القدرة على لجمه مع العد العكسي لبدء العمل بتعميم مصرف لبنان،

وهي: هل اصطدم قانون ال”كابيتال كونترول” الذي يسير كالسلحفاة نحو الهيئة العامة لمجلس النواب، بحائط صندوق النقد، أم أنها مجرّد تحليلات غير دقيقة لتصريح المتحدث باسمه، أم أن لا ارادة محليّة حقيقية بإقراره، وقد جاء تعميمُ المركزي بديلاً من القانون لإراحة قسم صغير من المودعين؟!