في ظل العتمة الشاملة وارتفاع فواتير المولّدات… اللبنانيون إلى الطاقة الشمسية درْ

كتب جاد فياض في صحيفة الأنباء:

لم يعد طرح التوجّه نحو الطاقة الشمسية ثانوياً في لبنان، بل بات في صلب مخطّطات اللبنانيين الذين لم يقرّروا الهجرة بعد، أو لم تسنح لهم الفرصة في ذلك.

فقد دفعت أزمة غياب الكهرباء، وارتفاع فاتورة المولّدات، إلى التفكير جدياً بالطاقة البديلة المستدامة بهدف تأمين الحد الأدنى من ساعات التغذية بعد أن دخل لبنان العتمة الشاملة.

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تركيب ألواح الطاقة الشمسية والاستفادة منها لتوليد الكهرباء. وقد شهدت العديد من المناطق تجارب ناجحة في هذا السياق.

كما أن المؤسّسات أيضاً لم تكن بعيدةً عن هذا التوجّه، وفضّلت اعتماد خيار الطاقة الشمسية بدل المولّدات الخاصة، خصوصاً بعد ارتفاع سعر المازوت، وعدم التزام أصحاب الّمولدات بالتسعيرة الرسمية.

مدير عام شركة “Smart Business”، بسام كرم لفت إلى أنّ، “تجربة تركيب ألواح الطاقة الشمسية تشهد رواجاً كبيراً، ويمكن استثمار هذه الطاقة على صعيد واسع، وليس بالضروري حصرها بالمنازل، أو بالتجارب الفردية، إذ يُمكن بناء ما يُسمى بالـSolar Farms لتغذية مناطق كاملة بالكهرباء، من خلال ألواح الطاقة الشمسية”.

وكان كرم قد طرح استبدال فكرة بناء معمل كهرباء في موقع ملعب الغولف في بيروت، بفكرة تركيب ألواح طاقة شمسية في المكان، اذ يُمكن استثمار نصف مساحة المكان المقدّرة بـ225,000 متراً، أي 112,500 متراً لتركيب حوالي 50,000 لوح طاقة شمسيّة وإنتاج ما يقارب الـ20 ميغاواط من الكهرباء، لتأمين ما بين 6 إلى 8 ساعات تغذية يومياً لأكثر من 10,000 بيت.

وأشار إلى أنّه، “إذا تم استيفاء مبلغ 20 دولاراً من كل بيت بالشهر (وهو مبلغ بات يضاهي بدل فاتورة مولّد خاص)، يمكن تسديد ثمن اللوحات في فترة لا تتعدى الأربع سنوات.

كما وفي حال استمرينا في تحصيل المبلغ نفسه للمدة نفسها، يمكن تسديد أكلاف الكابلات والاحتياجات المتعلقة باللوجستيات”.

وفي حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، أوضح كرم أنّه، “يمكن استثمار نصف المساحة لوضع الألواح، والنصف الآخر لبناء المنشآت الحديدية ومد الكابلات اللّازمة، وعندها يمكن تأمين ساعات تغذية للمنازل أثناء وقت الظهر، كما بامكان أصحاب هذه البيوت تركيب بطاريات (UPS) على نفقتهم من أجل تخزين الطاقة، واستخدامها في أوقات أخرى.

وبهذا الحل نكون قد حافظنا على البيئة وطرحنا فكرة قابلة للتنفيذ، خصوصاً وأنّ بناء معمل كهرباء قرب المطار أمر غير وارد”.

وذكر كرم أنّ، “المشروع لا يتوقف على بيروت، بل يمكن تعميمه على مختلف المناطق. فالمساحات الشاسعة وغير المستثمرة كثيرة، كالمشاعات، ويمكن للبلديات، أو اتّحادات البلديات، إنشاء هذه المشاريع، ومد شبكات صغيرة لا تحتاج إلى إنشاءات ضخمة، وبالتالي يكون التوجّه نحو اللّا-مركزية”.

وحول تمويل هذه المشاريع، وعدم قدرة المؤسّسات الرسمية على تكبّد تكاليف مرتفعة بالدولار، لفت كرم إلى أنّ، “التكلفة تختلف تبعاً لحجم المشروع، لكنها تتراوح بين 50 و60 ألف دولار.

أمّا وبالنسبة للمصادر، فالمنظمات الدولية كالـUSAID، والاتحاد الأوروبي، وغيرها، تؤمّن القروض اللّازمة، كما يُمكن للاغتراب المساهمة في هذا الأمر”.

أمّا وبالنسبة لساعات التغذية وطاقتها، قال كرم: “يمكن توفير 15 أمبير من أجل استخدام أدوات كهربائية تحتاج إلى طاقة كهربائية كبيرة، كسخّان المياه، لكن ساعات التغذية لن تزيد عندها عن 3 ساعات.

أمّا وفي حال استخدام هذه الطاقة لتشغيل أمور بسيطة، كمصابيح الإنارة، أو التلفاز، فعندها تفوق ساعات التغذية الـ8 ساعات، وقد تصل إلى 18 ساعة في حال تم تركيب بطاريات”.

وختم كرم حديثه لافتاً إلى أنّ، “الاعتماد على الطاقة الشمسية لا يعني الاستغناء عن الكهرباء، إذ أنّ ذلك يحتاج إلى منشآت ضخمة وشبكات موسّعة، لكن يمكن استثمار هذه الطاقة كبديل عن كهرباء المولّدات التي ارتفعت فاتورتها بشكلٍ كبير، عبر ما تمّ ذكره سابقاً بالنسبة إلى اللّا- مركزية. وبما يتعلق بالتكلفة، فإن استثمار المال بالطاقة الشمسية أفضل من إنفاقه على فاتورة مولّد، لانّها حلٌ مستدام”.